لم تستطع الدموع التي ذرفها اللاعب البرازيلي كاكا (24 عاما)، بعد إطلاق صافرة نهاية المباراة التي جمعت منتخب بلاده مع نظيره الفرنسي في ربع نهائي كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا، والتي انتهت بخروجهم من البطولة العالمية صفر اليدين، لم تستطع هذه الدموع، أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لتلافي الهزيمة، أو أن تمحي الصورة المتواضعة التي ظهر فيها البرازيليون والتي رسخت في ذهن محبي منتخب السامبا.
ورغم أن خبراء ومتابعي كرة القدم لا يختلفون على أن المنتخب البرازيلي دائما هو الأفضل والأقوى مهما كانت النتيجة، فإن كاكا لديه وجهة نظر أخرى، تلوم رفاقه بالفريق الذين لم يتعاملوا مع البطولة كما يجب.
"لقد أفرط اللاعبون في ثقتهم بنفسهم، ولعبوا على أساس أنهم أبطال العالم سلفا"، بهذه الكلمات علل كاكا سبب المستوى المتواضع، الذي ظهر به رفاقه خلال البطولة العالمية الأخيرة، وقال حول اختيارات المدرب الجديد للمنتخب البرازيلي كارلوس دونغا: "لن ألوم المدرب دونغا على استبعاده النجوم، فهو يريد توجيه إنذار إلينا وعلينا أن نأخذه على محمل الجد".
ولا يخجل كاكا من القول بأن المنتخب الأصفر خذل بلاده في مونديال ألمانيا ولم يقدم المستوى المشرف: "غابت الجدية عن المنتخب وأتى الفرنسيون وعلمونا درسا في اللعب الجماعي والروح القتالية, ليسوا أفضل منا، لكنهم كانوا يرغبون في الفوز بشدة، في حين كنا نلعب وكأننا فائزون سلفا. كانت مباراة مؤلمة".
ولا يخفي كاكا سروره من أنه كان السبب في تسجيل زميله رونالدو لإصابته الخامسة عشرة في مشاركاته المونديالية التي حطم بها رقم الألماني غيرد مولر القياسي الصامد منذ العام 1974.
ولا شك فإن لاعب نادي ميلان الإيطالي، يثبت يوما بعد أخر، أنه من صنف اللاعبين النادرين، وهذا ما يفسر تنافس الأندية على ضمه إلى صفوفها، لكن يبقى طموحه الأول والأخير هو منتخب بلاده، الذي يعتبر أن مصلحته فوق كل اعتبار، وأن جل مجهوده يجب أن يبذل في سبيل البرازيل, لذلك هو لا يتوانى على إظهار تفوقه وإمكانياته الفنية والبدينة، لنيل ثقة الجهاز التدريبي، من أجل ضمان مكان ثابتا له في التشكيلة الأساسية لبطل العالم في خمس مرات، بعدما كان دونغا قد استبعده عن المباراة الأولى التي خاضها المنتخب بعد كأس العالم ضد النرويج.
ورغم العرض الكبيرة التي تقدمت بها أندية عديدة لضمه لاسيما نادي ريال مدريد الإسباني الذي دفع ما يقارب الخمسين مليون دولار، إلا أن كاكا فضل البقاء في إيطاليا متحديا قرار المحكمة الإيطالية التي حسمت مسبقا من رصيد فريقه ثمانية نقاط بعد فضيحة التلاعب الشهيرة: "أحب مدينة ميلان، وأنا مرتاح جدا في النادي وأتمنى الاستمرار فيه سنوات مقبلة لأني أتعلم الكثير هنا".
يذكر أن ريال مدريد كان أول من طلب شراء كاكا من ناديه السابق سان باولو عام 2003، لكنه رفض دفع مبلغ يزيد على ستة ملايين دولار، فدخل ميلان على الخط ودفع 8.5 مليون دولار، ووقتها قال رئيس النادي سيلفيو برلوسكوني: "المدريديون أغبياء، لو كانوا يعرفون موهبة كاكا وقيمته الحقيقية لكانوا دفعوا حتما أكثر، لقد اشترينا جوهرة ثمينة بسعر كيلو من الفستق".
وقلائل هم الذين يعرفون أن ريكاردو إيزيكسون دو سانتوس ليتي، هو نفسه كاكا، الذي اتخذ هذا الاسم لقبا لنفسه، بعد أن عجز شقيقه الصغير عن لفظ اسمه الأول لصعوبته، وظل معتمدا إياه بعد ذلك حتى في مسيرته الاحترافية في عالم كرة القدم.
المسيرة
بدأ كاكا مسيرته مع كرة القدم مع نادي مدينته نادي ساو باولو في عام 2001 ، و في أول مواسمه سجل 12 هدفا خلال 27 مباراة لعبها مع الفريق، وفي الموسم الذي تلاه سجل عشرة أهداف في 22 مباراة، وهو ما لفت أنظار الأندية الأوروبية إليه.
في عام 2003 انتقل كاكا إلى نادي ميلان بمبلغ يقدر بنحو 8.5 مليون دولار، وفي أول مواسمه فاز بلقب الدوري الإيطالي بعدما سجل عشرة أهداف في ثلاثين مباراة، وقد حصل في ذلك الموسم على جائزة أفضل لاعب.
وفي موسم 2004/2005 ساعد الفريق على الفوز بكأس السوبر الإيطالية، وحل فريقه ثانيا في الكالتشيو خلف نادي يوفنتوس، وحل في المركز الثاني في دوري أبطال أوروبا بعد أن خسر أمام نادي ليفربول، بركلات الترجيح.
أما مع منتخب البرازيل لكرة القدم، فقد كانت أولى مبارياته ضد منتخب فنزويلا لكرة القدم في يناير 2002، و قد اختير ضمن المنتخب المشارك في كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، ولكنه لعب 19 دقيقة فقط أمام منتخب كوستاريكا لكرة القدم .
وفي عام 2003، أصبح كاكا كابتن منتخب البرازيل لكرة القدم المشارك في الكأس الذهبية، وقاد البرازيل للحلول في المركز الثاني خلف منتخب المكسيك لكرة القدم. ثم توج نجما لكأس أميركا الجنوبية "كوبا أميركا" التي أحرزتها البرازيل عام 2004، قبل أن يفوز بكأس القارات مع البرازيل عام 2005 بإسقاطها الأرجنتين في النهائي (4-1) وهي المباراة التي يعتبرها كاكا الأجمل حتى اليوم في مسيرته، إذ لعب البرازيليون كرة سهلة وجميلة، وقد سجل أحد أهداف تلك المباراة.
وفي كأس العالم 2006، اعتبر كاكا أحد أفضل اللاعبين في منتخب السامبا، و قد سجل هدفا ضد منتخب كرواتيا.
وشارك كاكا مجددا مع منتخب بلاده في المباراة الودية أمام منتخب الأرجنتين مطلع الشهر الجاري وسجل هدفا رائعا، بعدما استلم الكرة من منتصف الملعب وتابع سيره نحو المرمى الأرجنتيني وسجل هدفا دون أن يعترضه أحدا، علما بأنه قطع تلك المساحة المقدرة بسبعين مترا بتسعة ثوان فقط.
ومن يرى كاكا خارج الملعب لا يصدق أن هذا هو نفسه اللاعب الذي لا يهدئ طيلة دقائق المباراة، فهو في حياته الشخصية مختلف تماما يحب الهدوء والركون إلى الطبيعة في كل فرصة تتاح له، مع زوجته كارولاين سيليكو (19 عاما)، التي تنتمي لإحدى أكثر العائلات ثراء في مدينة ساو باولو البرازيلية، كذلك فهو مشهور بالتزامه الديني، إذ يمضي الكثير من وقته في إلقاء محاضرات دينية في المدارس والتجمعات.